هذا مثال رائع لعيد خضع لتغييرات ولتطورات تاريخية. في اللاويين 23، يذكر هذا العيد دون تأريخ ويذكر كاليوم الخمسين بعد عيد الفصح فقط. لا اسم له وينقص كذلك نوع من التفسير التاريخي الذي أعطي لبعض الأعياد التي تم ذكرها في هذا الإصحاح. ومع ذلك، في الخروج 24 : 16، يذكر هذا العيد مع حصاد المحاصيل الأولى وفي سفر التثنية 16 :10 يطلق على هذا العيد اسم شافوعوت أي عيد الأسابيع. وأضاف حاخامو المشنة اسمًا آخر لهذا العيد: “عصريت” من جذر “لاعاصور” بمعنى “توقف” ويشير إلى أن هذا العيد كان مخصصًا ليكون ختام عيد الفصح وذروته.
“بأي معنى عيد شافوعوت يكمل عيد الفصح؟ هو يكمل احتفال الخروج من مصر بفرح وشكر على الهبة العظيمة التي منحتها الأرض التي باركها الله تعالى. في عيد الفصح كل واحد يشعر بالقمع والعبودية التي عانى منها أجداده في الماضي. خلال الأسابيع السبعة التالية، يكون كل واحد مشغولاً في عمل حصاد الشعير والقمح. وفي عيد شافوعوت يمكن للمزارع اليهودي أن يستريح معبرًا عن فرحه بالرفاه الذي يتمتع به.”4
كي يعبر عن فرحه، كان المزارع يأتي بأول محاصيله إلى الكاهن الأكبر ويرتل الآية الواردة في التثنية 26 :5-10 وهي نوع من موجز التأريخ المبكر للشعب العبري.
خلال أيام الحاخامين، أضفي معنى جديد على هذا العيد: مستعملين رموزًا متنوعة في النص التوراتي، قدر الحاخامون أن يوم نزول التوراة على طور سيناء يجب أن يكون اليوم السادس من الشهر العبري سيفان، وهكذا نزل الوحي الإلهي والكلام المنزل 50 يومًا بعد الخروج من مصر بالضبط.5 وبذلك هناك معنى آخر لإكمال عيد الفصح: تحرر العبريون من عبودية فرعون بحيث كان بإمكانهم أن يكونوا عبيد الله تعالى. تتحقق الحرية الحقيقية إذا كانت لنا مجموعة قوانين اجتماعية نعيش بموجبها. في مجتمع بدون قانون، القوي هو العادل. في مجتمع مؤسس على التوراة وشريعتها، تحفظ ضمنه حماية حقوق الأرملة واليتيم والفقير والأجنبي.
وخاصة حينما عاش معظم الشعب اليهودي في الشتات بعيدًا عن أرضه، ألقى موضوع التوراة ظله على موضوع الأرض. في البداية كرس اليهود الذين تعلموا العلوم الباطنية والطلبة الذين درسوا التوراة ليلة عيد شابوعوت كلها لمطالعة النصوص الدينية. وتعرف هذه العادة باسم “تيقون ليل شافوعوت”. ومن العادة إقامة صلاة الفجر عند شروق الشمس (وفي أورشليم القدس بعد 1967 يتوافد العشرات من الألوف إلى حائط المبكى لإقامة صلاة الفجر). ذكرى للمعنى الزراعي لعيد شافوعوت في الشتات وكذلك في الكنس عبر أنحاء العالم بما فيما ذلك إسرائيل، ويشمل إلى حد كبير تزيين المنازل والكنس بزهور وأوراق الأشجار.
في الكثير من الطوائف اليهودية، أصبح من العادة قراءة سفر راعوث في هذه المناسبة وتعتبر راعوث (روت) وقد كانت راعوث أول أجنبي اعتنق الديانة اليهودية، والتزم بالوصايا العشر (كما فعل بقية الشعب في طور سيناء وتعتبر أيضًا كمثال لجميع الأنواع من الناس الذين بحاجة إلى حماية خاصة: الأرملة واليتيم والمسكين والأجنبي. تحدث قصتها خلال فترة الحصاد وهي تؤكد الفرائض الزراعية التي كان لها معنى اجتماعي عميق – مثل ترك هوامش الحقل من أجل اللاقطين (بعد الحصاد).
في أوائل القرن ال- 20 أعطى الرواد الصهيونيون الذين عادوا إلى البلاد أقل أهمية للأبعاد التوراتية للعيد وقاموا بإحياء الطقوس القديمة – بيكوريم أي بواكير، المحاصيل الأولى. وخلال سنوات كثيرة أصبحت هذه الطقوس ذروة العيد في الكيبوتسات العلمانية – وأقيم خلالها عرض مثير للانجازات الزراعية والصناعية التي حققتها الكيبوتسات خلال السنة الماضية وكل هذا في موكب رائع شاركت فيه أيضًا مجموعة الأطفال المولودين حديثًا. كان الكثير من الإسرائيليين من سكان المدن يزورون الكيبوتسات يوم عيد شافوعوت ليشاركوا في هذه الاحتفالات التي شملت الأغاني والرقص الشعبي ولكن كانت خالية من أي مفهوم ديني.
في هذه الأيام وخاصة مع ظهور الخصخصة المتزايدة في الكيبوتسات وانخفاض أهمية الزراعة، تم التقليص في الاحتفالات الزراعية ونشاهد العودة إلى الحلقات الدراسية طيلة ليلة العيد حيث يشترك فيها متدينون وعلمانيون معًا. فيما يخص اليهود الذين لا يرغبون دراسة النصوص الدينية طول الليل، فإنهم يمارسون عادة تناول أطعمة حليبية شهية مثل كعكة الجبن، البوريكاس والفطيرة المحلاة المحشوة بالجبن (بانكيك) وهذا بسبب الاحتفال بشيئين تم مقارنتهما تقليديًا بالحليب، والعسل- أرض إسرائيل (…. “تفيض لبنًا وعسلاً”… العدد 27:13) والتوراة (“مغذية كالحليب، وحلوة كالعسل”، حسب الميدراش (مجموعات التفاسير). بعض الأولاد يقومون بتبليل بعضهم البعض خلال هذا العيد لأن التوراة قورنت أيضًا “بماء زلال”. حيث أن عيد شافوعوت يشير إلى الانتقال إلى الفصل الحار والجاف ولا بأس بتبليل الجسم بماء بارد.
