تاريخ
في حين لم تذكر القدس في التوراه بشكل صريح إلا أنها تظهر أكثر من 600 مرة في الكتاب المقدس. يعتبر جبل موريا (جبل الهيكل في القدس) بحسب التقاليد اليهودية، مكان “تضحية” إبراهيم بإبنه إسحاق (المعروفة باسم العقيدة – الربط). يعتقد أن العلاقة بين اليهود وبين القدس قد بدأت منذ ذلك الوقت.
يتكون اسم يروشلايم (القدس) – والذي له عدة تفسيرات – من مقطعين: “يرو”، و- “شلايم”، كلاهما مرتبطان بإبراهيم. يشير “يِرو” إلى وجود الله وهو مشتق من كلمة يِرئيه (يرى) من قصة ظهور الله لإبراهيم في وقت العقيدة (ربط، التكوين 22:14). “شليم” هو اسم المدينة التي التقى فيها إبراهيم مع الملك ملكي صادق والمتعارف عليها، تقليديًا، كالقدس. يرتبط المقطع “شلايم” بكلمة “شالوم” وغالبًا ما يشار إلى القدس – على الأقل بتفاؤل – بأنها “مدينة السلام”.
للقدس 70 أسما في التقاليد اليهودية، من بينها: صهيون، مدينة داود، أرييل وموريا.
الهيكل
من المتعارف عليه أن يروشلايم هي المكان الذي يشير إليه التوراة بعبارة “المكان الذي سيختاره الله”. وفقًا لتاريخ الكتاب المقدس، عين الملك داوود يروشلايم لتكون العاصمة، موحدا بذلك قبائل إسرائيل الإثنتي عشرة. تبع داوود بذلك ابنه سليمان في بنائه للهيكل مما حول القدس إلى المركز الوحيد للطقوس اليهودية منذ ذلك الوقت. خلال فترة الهيكل كانت القدس مقصداً للحج بأمر الكتاب المقدس ثلاث مرات في السنة: في مهرجانات عيد الفصح، الشافوعوت والسوكوت. دفع اليهود ضريبة نصف شيكل للحفاظ على الهيكل وكانوا مطالبين بالتبرع بأجزاء من محصولهم لدعم كهنته.
نصب الهيكل اليهودي لقرابة 1000 عام على ما يسمى بجبل الهيكل:
– 960 (قبل الميلاد) تقريبا – بناء الهيكل على يد الملك سليمان
– 586 – خراب الهيكل الأول على يد البابليين
– 516 تقريبا – بناء الهيكل الثاني
– القرن الثاني قبل الميلاد – تدنيس الهيكل على يد اليونانيين استعادة المكابيون للهيكل (وهي المناسبة المحتفلة في الحانوكاه)
– 70 للميلاد – خراب الهيكل على يد الرومان
يصوم اليهود في اليوم التاسع من شهر “آب” العبري، والذي يعتبر يوم حداد لتخليد ذكرى خراب الهيكلين.
الحائط الغربي
قام الملك هيرودس الأول، من أواخر بناة القدس في العصور القديمة، بتوسيع جبل الهيكل ليشمل مبانٍ أكثر وأكبر. نصب هيرود معبده والبازيليكا المجاورة له على منصة مستطيلة ضخمة (الهيكل الذي زاره يسوع) والتي بقيت حتى بعد تدمير الهيكل الثاني (موقع الحرم الشريف اليوم، حيث قبة الصخرة والمسجد الأقصى). على قرب من “قدس الأقداس” (الغرفة الغربية داخل الهيكل قبل الخراب) يتواجد الحائط الغربي لهذا المجمع والمعروف باسم “هَكوتل هَمعرافي”
أصبح الكوتل رمزًا يهوديًا مهمًا يقدس اليهود من جميع أنحاء العالم صوره. صلت أجيال من اليهود – وحلمت بالصلاة – في الكوتل. أدت العادة بالبكاء عند الكوتل حزنا على خراب الهيكل بتسميته “حائط المبكى”. اعتاد غير القادرين على الحجيج إلى القدس كتابة صلواتهم وإرسالها له، وقد يكون ذلك مصدر عادة إدخال البتاكيم أو الكفيطليخ (صلوات مكتوبة على بطاقات) في شقوق الحائط الغربي. تلا البابا يوحنا بولس الثاني صلاة من أجل المصالحة المسيحية اليهودية في الكوتيل خلال زيارته في العام 2000.
الحياة اليهودية:
تعتبر القدس مركز (أو سرة) العالم بالنسبة لليهود وبقيت مركز صلواتهم حتى بعد خراب الهيكل. بحسب القانون اليهودي، على اليهود الاتجاه نحو جبل الهيكل عند الصلاة، ولذلك نجد أن جميع الكنس في العالم مبنية بحيث أنها تقابل القدس. تذّكر القدس هو فكرة مركزية في الديانة اليهودية، كما جاء في سفر المزمور 137: “إِنْ نَسِيتُكِ يَا أُورُشَلِيمُ، تَنْسَى يَمِينِي! لِيَلْتَصِقْ لِسَانِي بِحَنَكِي إِنْ لَمْ أَذْكُرْكِ، إِنْ لَمْ أُفَضِّلْ أُورُشَلِيمَ عَلَى أَعْظَمِ فَرَحِي!” (آيات 5 – 6)
تتمركز ذكرى القدس على خراب الهيكل (مع أنها ليست محدودة له). وفقًا للممارسة المذكورة في التلمود، من المعتاد ترك جزء من البيت غير مطلي أو غير مقصور كتذكير بخراب. تربط الثقافة الشعبية كسر كأس زجاجي في حفلات الزفاف (“أعظم فرحي”) بتدمير القدس.
يتم التعبير عن أحلام اليهود بترميم الهيكل بإعادة بناء القدس. (يشمل هذا تقليديا – وبالنسبة إلى البعض اليوم – بناء الهيكل الثالث وتجديد تقديم القرابين). تتمركز الآمال بإعادة بناء القدس في الصلوات اليهودية التي تتلى عدة مرات في اليوم. مثلا:
لعلك تعود إلى القدس
مدينة الرحمة
لعلك تعيد بناءها في أيامنا
مبارك أنت يا ألله،
باني يِروشلايم
(من صلاة القيام اليومية)
تظهر الرغبة بالتواجد في القدس كذلك في طقوس الدفن اليهودية. طوال 2000 عام تقريبا دبر اليهود المتواجدين خارج القدس أن يدفنوا فيها (في جبل الزيتون غالبا). عادة ما يتمنى اليهود لبعضهم البعض في يوم كيبور (يوم الغفران) والبيسح (عيد الفصح) “السنة القادمة في القدس” (إذا كانوا يعيشون خارجها) و- “السنة القادمة في القدس العامرة” إذا كانوا يعيشون فيها.
تعتبر القدس اليوم رمزا قوميا بالإضافة إلى كونها رمزا دينيا. حتى من دون الهيكل، لا يزال مفهوم الحجيج إلى القدس قائما لدى اليهود في الشتات وكذلك اليهود في إسرائيل. يأتي الكثير من اليهود من الشتات أو من خارج القدس إليها للاحتفال بالبار متسفا (أو البات متسفا للبنات) لأولادهم، في الحائط الغربي غالبا. يقوم كل من الجيش والدولة بإقامة الاحتفالات والطقوس الرسمية في ساحة الحائط الغربي، بما في ذلك افتتاحية يوم الذكرى للجنود الذين سقطوا.
يتنبأ المفهوم الأسكاتولوجي (المتعلق بعلوم آخر الزمان) بـ “قدس سماوية” يرعاها الله ويحضرها للمستقبل. يؤمن هذا الاعتقاد أن هناك علاقة بين “القدس السماوية” و- “القدس الدنيوية” التي تعتبر عملا قيد الإنشاء للوصول إلى القدس السماوية المثالية.
بالإمكان القول أنه طالما كان هناك وجود يهودي صغير مستمر في القدس منذ خراب الهيكل عام 70.