من هم اليهود بالضبط؟
هنالك (بما يشمل اليهود أنفسهم) من يعتبر اليهودية دينا (مثل الإسلام أو المسيحية)، هناك من يعتبرها قومية، وهناك من ينظر إليها كثقافة وطريقة حياة.
تختلف نظرة العالم لليهود اليوم وكذلك نظرتهم وتعريفهم هم لأنفسهم. لم يكن الأمر كذلك دائما، حيث اقترحت في القرنين الماضيين تعريفات ومنظورات جديدة لهم. دعونا نعود قليلا إلى الوراء ونلقي نظرة على تاريخ اليهود لنفهم هذه التغييرات.
من هم اليهود؟ خلفية تاريخية
اليهود كمجموعة قبل ثلاثة حتى أربعة آلاف عام، ويبدو أن أصولهم قد نشأت في منطقة العراق اليوم. اعتقد اليهود أنهم نشأوا عن جماعة كانت قد هربت من العبودية في مصر وتعرضت لاحقا لتجلٍ جماعي من الله – أي التوراة – في الصحراء بعد هروبهم. بمساعدة قائدهم، موسى، فهم اليهود من التوراة أن للعالم خالق واحد وهو الله، وأن عليهم، كشعب متعلق به، أن يأخذوا على أنفسهم طريقة مميزة للحياة وأن يستقروا في أرض إسرائيل. تطور اليهود هناك تدريجياً كشعب يرى بنفسه مختلفا، إيديولوجيا، ثقافيا ودينيا، عن المجموعات الأخرى من حوله.
استمر اليهود على مدى آلاف السنين في تعديل فهمهم لطريقة الحياة التي اعتقدوا أن الله طالبهم بها، والتي طوّر قادتهم الفكريون، الحاخامات، فهما مفصلا لها. استمر هؤلاء بتفسير توراتهم الأصلية وغيرها من الكتابات القديمة في قاعدة سلوكية صارمة، أي الهَلاخا (الشريعة) التي أصرّوا على أنها ملزمة لجميع اليهود. تعني “الهَلاخا” – وهي كلمة في غاية الأهمية لفهم المواقف والسلوكيات اليهودية المختلفة والمذاهب المختلفة التي يتّبعها اليهود – حرفياً “الطريق”، وهي تشير إلى فهم الحاخامات لما يطلبه الله من كل يهودي في سلوكه اليومي في جميع مجالات الحياة.
الرغم من تطور اليهود كمجموعة، تاريخيا، في أرض إسرائيل، إلا أنهم خرجوا منها مع مرور الوقت – نتيجة لظروف تاريخية، بما في ذلك الغزو، النفي القسري، والتشتت الاختياري – إلى مناطق مختلفة في جميع أنحاء العالم، حيث كانوا يميلون إلى تشكيل مجتمعات مغلقة ومنعزلة نسبياً، محميين إلى حد كبير بنمط حياتهم الديني. استطاع اليهود بالاستمرار في نمط حياتهم التقليدي من خلال معاداة العالم الخارجي الذي تسامح معهم لأسباب اقتصادية من دون أن يرغب بالتعامل معهم أو التدخل بطريقة حياتهم، بل وكان ينظر إليهم على أنهم غرباء ومثيرون للريبة.