في الأصحاح ال-23 من سفر اللاويين، أُمر بنو إسرائيل أن يأتوا بحزمة خاصة من أول حصيدهم إلى الكاهن الأعلى في اليوم الثاني من عيد الفصح اليهودي وبعد ذلك يحسبون 50 يومًا حتى العيد القادم التي يتم فيه الحج إلى القدس. تسمى فترة العد – بين عيد الفصح وشافوعوت (عيد الخمسين أو عيد الأسايبع) سبع مرات سبعة أسابيع – سيفيرات هاعومير – ويعني هذا المصطلح حساب حزم الشعير. لا تعار في التوراة أي أهمية خاصة لهذه الفترة ما عدا الربط بين عيد الفصح والعيد القادم الذي لا يذكر موعده. ودون هذا العد، لا يمكننا أن نعرف تأريخ احتفال العيد القادم. لنفهم معاني هذه الفترة يجب علينا التوجه إلى الحاخامين من العهود اللاحقة.
يعتبر جزء من معنى هذه الفترة كطريقة الربط بين عيد الفصح وشافوعوت، خاصة عندما يحتفل بهذا العيد الأخير في موعد نزول التوراة. يوفر لنا العومر وحدة من سبعة أسابيع تقام خلالها الاستعدادات الروحية لساعة الكلام المنزل على طور سيناء.
يضفى التلمود على هذه الفترة مفهومًا من الحزن ويتعلق هذا الأمر بفشل التمرد ضد الاحتلال الروماني الذي وقع في السنوات 132 – 135 ميلاديًا وأصبحت هذه الفترة في مرحلة لاحقة من التأريخ اليهودي مرتبطة بالحملات الصليبية وأنواع أخرى من الاضطهادات التي تعرض لها الشعب اليهودي. وهناك عادات حداد تمارس خلال هذه الفترة وتشمل حظر إقامة احتفالات الزفاف وحلاقة الشعر وبعض ممارسات أخرى تعتبر احتفالية أو مبتهجة. اقترح بعض العلماء أن الحداد ربما يعود إلى مصدر حتى أقدم من ذلك وهو يعكس القلق لدى المزارعين القدماء في ما يخص محاصيل حصادهم. ويقولون أن الفترة من السنة بين عيد الفصح وشافوعوت تتميز في أرض إسرائيل بأحوال الطقس المتقلبة. رسميًا، عيد الفصح هو الموعد الذي نتوقف فيه عن صلاة الاستسقاء، ولكن يمكن سقوط الأمطار بعد عيد الفصح وتكون هذه الأمطار عادة غير مرغوب فيها. يمكن أن تهب أيضًا عواصف رملية وعواصف غبار، وتسود أحوال طقس حارة شديدة أو مائلة للبرودة، وكل ذلك يسبب ضررًا بالمحاصيل الزراعية. وهكذا، بدلاً من إقامة احتفالات مبكرة، يصلى المزارعون خلال هذه الفترة، متوقعين وآملين بأن يكون الحصاد ناجحًا.
لكن، حسب التقليد اليهودي، في اليوم ال-33 من هذه الفترة، تطرأ مهلة مؤقتة في فترة الحداد ويمكن إقامة احتفالات. ويعتبر هذا اليوم بمثابة شبه عيد تقليدي ويسمى “لاج بعومر” ويعني حرفيًا اليوم ال-33 من العومر. يشير التلمود بشكل غامض إلى طاعون أودى بحياة طلاب حاخام قديم وهو رابي عاقيفا و يوصف ذلك اليوم المعجزة. إذا أخذنا بعين الاعتبار أن هؤلاء الطلاب كانوا أيضًا الجنود الذين قادوا التمرد ضد الرومان فيمكن أن نستنتج أن كل هذا هو نوع من الرمز يشير إلى أن الطاعون كان هزيمة التمرد النهائية، لكن خلال ذلك اليوم الخاص، انتصر الجنود اليهود بقيادة بار كوخبا في المعركة. حتى منتصف القرن ال-20، أحيى اليهود هذه الأحداث بواسطة طقس ديني يتم فيه العد اليومي للعومر وتجنب الأشياء المحظورة خلال هذه الفترة. على كل حال، كان يوم لاج باعومر مناسبة لإقامة احتفالات الزفاف واحتفالات أخرى والخروج إلى النزهات في الهواء الطلق والقيام بأيام رياضية حتى إن هذا كان يتم في الوقت الذي كان اليهود يعيشون كأقلية، على سبيل المثال في أوروبا. هنا في إسرائيل، يتوجه العديد من اليهود (مئة ألف تقريبًا) إلى جبل ميرون بالقرب من صفد للاحتفال الذي قد يستمر أسبوعًا و تصل ذروته في يوم لاج باعومر نفسه. وهذا أيضًا ذكرى وفاة الحاخام شمعون بار يوحاي حاخام صوفي قديم يقال إنه مدفون في هذا المكان. يأتي الحاسيديم (فئة يهودية صوفية) إلى هناك بأبنائهم الذين بلغوا الثالثة من العمر للحلاقة الأولى وتضاء الشعل على طول جوانب الجبل. وفي كل أنحاء البلاد، يسهر الشبان المتدينون والعلمانيون معًا طوال الليل حول الشعل حيث يغنون ويرقصون، ويأكلون ويحكون الحكايات وما شابه ذلك. يكون هذا مثال جيد للتقليد الشعبي الذي يتجاوز السلطات الدينية. مع أن لاج باعومرلم يكن عيدًا هامًا في الماضي، فإنه أصبح أكثر شعبية خاصة لدى اليهود السفارديم والشرقيين وكذلك بسبب الاهتمام الآخذ بالازدياد بالدراسات الباطنية اليهودية.
في القرن ال-20، أضيفت أربعة أيام للتقويم اليهودي وتحدث جميعها خلال هذه الفترة من السنة وتغيرت ميزة هذه الفترة بعض الشيء. تكرس يومان للحداد وللذكرى ويومان للاحتفالات. وتعكس هذه الأيام الأربعة تأريخ الشعب اليهودي والحركة الصهيونية في العهد الحديث. يعتبر بعض اليهود هذه الأيام مناسبات دينية تحتفل بصلوات وطقوس خاصة في الكنيس بينما يعتبرها الآخرون أيامًا وطنية عادية لا غير.
اليوم الأول من هذه الأيام يحتفل في يوم ال-27 من شهر نيسان، ستة أيام فقط بعد انتهاء عيد الفصح. هذا هو يوم ذكرى المحرقة أو “يوم هاشوأة” (الكارثة). ويحيى ذكر شهداء المحرقة في هذا اليوم في جميع أنحاء البلاد بدقيقتين من الصمت عند سماع الصفارة صباح ذلك اليوم، لكن الحدثان الرئيسان يجريان في “ياد وشيم” (اليد التذكارية لشهداء المحرقة) في أورشليم القدس وفي بيت مقاتلي الغيتوهات الواقع في كيبوتس لوحامي هاغيتأوت الواقع بالقرب من نهاريا. وبعد ذلك بأسبوع بالضبط في ال-4 من شهر أيار، يذكر الجنود الإسرائيليون الشهداء الذين استشهدوا في المعارك وضحايا الإرهاب. يسمى هذا اليوم “يوم هازيكارون” – يوم الذكرى. في هذا اليوم كذلك تسمع الصفارة في المساء ومرة أخرى في الساعة ال-11 من صباح الغد وتجري مراسيم تذكارية في جبل هرتسيل وفي المقابر العسكرية في جميع أنحاء البلاد.
في اليوم التالي ال-5 من شهر أيار يحتفل بيوم هاعاتسمؤوت – عيد استقلال إسرائيل. يحتفل بيومي الذكرى والاستقلال قبل آوانهما إذا صادف هذان اليومان يوم الجمعة و يوم السبت أو يوم الأحد بموجب قانون أقرته الكنيست لمنع انتهاك حرمة يوم السبت بشكل علني.
ربما يعتبر عيد استقلال يومًا صعبًا للعرب الإسرائيليين الذين يعتبرون أنفسهم مواطني دولة إسرائيل لكن يذكرون أيضًا سوء حظهم الوطني كفلسطينيين الذين يربطون إقامة دولة إسرائيل بنكبة وطنية بالنسبة لهم. نأمل في المستقبل أن يسود السلام هذه الربوع ونستطيع جميعنا أن نتقاسم ونشارك تأريخ تلك الفترة والذي يعكس قصتين وطنيتين مختلفتين.
كما تعرفون بلا شك، يحتفل عيد الاستقلال بصورة عامة خارج البيوت بالتسلية والرقص في الشوارع طول الليل والخروج إلى النزهات في الطبيعة في اليوم التالي. التهنئة الملائمة هي: “حاج سامياح” أي عيد سعيد. من الجدير بالذكر أن المتدينين المتزمتين المضادين للصهيونية وحتى اليهود غير الصهيونيين ربما لا يحتفلون بهذا العيد على الإطلاق.
لاج باعومر يصادف ال-18 من شهر أيار ويحل بعد عيد الاستقلال بأسبوعين تقريباً. عشرة أيام بالضبط بعد لاج باعومر يحتفل بيوم أورشليم القدس في ال-28 من شهر أيار ويحتفل بذكرى ما حدث في اليوم الثالث من حرب الأيام الستة – حرب 1967 حين تولى المظليون الإسرائيليون على الحرم القدسي الشريف وعلى الحائط الغربي – حائط المبكى (البراق). ربما يكون هذا العيد الأكثر إثارة للجدل في الروزنامة الخاصة بنا. بالرغم من أن هذا اليوم كان يحتفل على نطاق واسع في السبعينيات، فمند الثمانينات وخاصة مند الانتفاضة الأولى أصبح هذا اليوم أولاً وقبل كل شيء خاصًا باليهود المتدينين الوطنيين و لا يمكن ملاحظة هذا اليوم خارج هذه الفئة من المجتمع وخارج أورشليم القدس.
مع جميع هذه الأيام، لا عجب أن المعلمين الإسرائيليين يشكون من عجزهم عن القيام بالتعليم الجدي بعد عيد الفصح.