إيرتس يِسرائيل (أرض إسرائيل)

إيرتس يِسرائيل

إسرائيل هو الاسم الجماعي للشعب اليهودي، أي أحفاد القبائل التي أنشأها أبناء يعقوب، والذي كان يعرف أيضا باسم “إسرائيل”. “إيرتس يِسرائيل” هو ليس اصطلاحا جغرافيا، إنما يشير إلى أرض بني إسرائيل (ארץ בני ישראל)، كما يتم استعماله بشكل موسع في سفر يشوع 11:22.

يشار في النصوص المقدسة المبكرة، وفي النصوص التي لحقتها أحيانا، إلى أرض إسرائيل باسم “إيرتس هَعِفريم” (أي أرض العبرانيين) (سفر التكوين 40:15). ورد الاسم إيرتس يسرائيل فعليا في الكتاب المقدس (في سفر ملوك الثاني 5:2) منذ أن بدأت القبائل الإسرائيلية في العيش في أرض إسرائيل. مع ذلك فقد اتسع انتشار المصطلح في وقت لاحق فقط.

كان لأرض إسرائيل – أو لأجزاء منها – أسماء عديدة أخرى مثل الاسم المصري رتنو، الاسم اليوناني يودا، الاسم الروماني واليوناني يهودا، الاسم الارامي آرا دي يسرائيل، بالإضافة إلى أسماء أخرى مثل كنعان، إفرايم، يِهود، يهودا، إيودا، يوداعيا، وطبعا، فلسطين، الأرض المقدسة وطيرا سانتا. يشار إلى أرض إسرائيل كذلك باسم “أرض الميعاد” نسبة لوعود الله المتكررة إلى إبراهيم وذريته: “لِنَسْلِكَ أُعْطِي هذِهِ الأَرْضَ، مِنْ نَهْرِ مِصْرَ إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ، نَهْرِ الْفُرَاتِ” (سفر التكوين 15:18)

يجدر الإنتباه إلى أن إيرتس يِسرائيل – وهي أرض إسرائيل – هو مفهوم فلسفي، ديني – لاهوتي، وهَلاخاتي (يهودي قانوني) وهو ليس المفهوم السياسي لدولة إسرائيل.

 

حدود إيرتس يِسرائيل

ليس هناك حدود واضحة لـ “إيرتس يسرائيل”.

تمتد إسرائيل بحسب التعريف الواسع للـ “وعد” من “نهر مصر” (الذي يعتقد أنه يتواجد في وادي العريش، وليس النيل) إلى نهر الفرات. يشمل هذا التعريف مناطق تتواجد في مناطق دولة إسرائيل، الضفة الغربية (يهودا والسامرة)، قطاع غزة، شرق سيناء، لبنان، سوريا وجنوب شرق تركيا. يعتقد العديد من العلماء أن هذه الحدود تعكس المنطقة التي كانت (أو يعتقد أنها كانت) تحت سيطرة الملك داود والملك سليمان.

تعريف “مقلص” آخر، هو “من نهر الدان (اللدان) إلى بئر السبع”، وهو التعريف الرسمي الوارد عدة مرات في الكتاب المقدس، والذي يشير لغالبية الأرض التي احتلها بنو إسرائيل.

بحسب تعريف “وسط” آخر – معروف في التراث اليهودي باسم “حدود القادمين من مصر”، ويصف المناطق التي استوطنت فيها قبائل يهوشع – تمتد أرض إسرائيل من شمال النقب حتى لبنان وجنوب غرب سوريا، ومن شرق نهر الأردن حتى البحر الميت.

بحسب التعريف الأخير – والمعروف باسم “المنطقة المقدّسة بحسب العائدين من الأسر في بابل” (في نهاية القرن الخامس قبل الميلاد تحت قيادة عزرا الكاتب) – تمتد أرض إسرائيل من جنوب وادي أخزيف (وادي القرن) بجانب قرية معليا إلى النقب (لا يشمل البحر الأحمر)، وشرق نهر الأردن، يشمل مناطق من الجولان حتى البتراء جنوبًا.

التعريفات المختلفة لحدود أرض إسرائيل مهمة في الهالخا (الشريعة اليهودية) والتعريف الأخير أعلاه هو المطابق للتعريف المذكور في “الفرائص المشروط القيام بها بالتواجد على أرض إسرائيل” المفسر أدناه.

Eretz Israel

أهمية

تنعكس مركزية أرض إسرائيل لليهود في الإشارة إليها، قديما وحديثا، باسم “هآرتس”، أي الأرض، وتسمية جميع المناطق الأخرى – التي هي ليست أرض إسرائيل – بالمقابل، “حوتس لآرتس”، أي “خارج الأرض” (أو خارج البلاد). تعلم المشناه أن “أرض إسرائيل هي أكثر الأراضي قداسة” (كِليم 1:6) مع اعتبار القدس ومنطقة الهيكل أكثر أجزاء الأرض قداسة. تؤكد التقاليد اليهودية أن الأرض نفسها مقدسة بالكامل. تأتي قدسية أرض إسرائيل من احتوائها على الهيكل المبني فوق إيفن هشتياه، أو “حجر الأساس” (ما يسمى في التقاليد المسلمة “الصخرة المشرفة”) المكان الذي يعتقد أن الخليقة بدأت فيه. قرب الأرض من هذا الموقع هو ما يمنحها قدسيتها.

 

العَليا والعَليا لاريجيل (الحجيج)

حتى دمار الهيكل (عام 70 للميلاد)، اعتاد اليهود، من جميع أنحاء البلاد ومن العالم، القدوم للحجيج في القدس في مهرجانات الحج الثلاث: السوكوت (عيد العرش)، البيسح (عيد الفصح) والشفوعوت (عيد العنصرة)، لزيارة القدس وتقديم الضحايا والقرابين للهيكل. يدعى طقس الحجيج في الديانة اليهودية “علِيا لريجل”. واصل اليهود محاولاتهم بعد دمار الهيكل للاستمرار بزيارة القدس رغم أنهم لم يتمكنوا من أداء الطقوس القربانية فيها. تم اشتقاق الاسم عليا لريجل من كلمة عليا، وتعني بالعبرية “الصعود”. حتى في الحقبات التي تلت دمار الهيكل، تحدث اليهود عن “الصعود إلى القدس”، وهو اصطلاح ديني وطوبوغرافي يشير إلى علو القدس. كثيرا ما يرى اليهود زيارة القدس (أو أرض إسرائيل، إذا كانوا يعيشون في الشتات) تجربة روحية.

يزور اليهود أماكن أخرى عدا عن القدس. تفرق الديانة اليهودية بين الأماكن التي تعتبر “مقدسة” (מקודש, sanctified) وبين تلك التي تعتبر “قدسية”، (קדוש, holy)، وغالبية المواقع التي يحج إليها اليهود في إسرائيل تعرف بأماكن “قدسية”. تعرف ثلاث مدن أخرى، بالإضافة إلى القدس، كمدن مقدسة عاش فيها اليهود في فترة ما قبل الحضارة والتي عرفت كمراكز يهودية في حقبات تاريخية مختلفة: حبرون – الخليل (عصر التوراة وأمهات وآباء الأمة العبرية)، تفيريا – طبريا (عصر التلمود والحاخامات؛ من القرن الرابع إلى القرن التاسع) وتسفات – صفد (عصر الروحانيات اليهودي؛ القرن السادس عشر). مواقع عديدة أخرى تجذب إليها الزوار اليهود، مثل مقامات وقبور شخصيات تاريخية مؤثرة ومشهورة (معظمها حاخامات من عصر التلمود) في الجليل، بالإضافة إلى مواقع أخرى ازدهرت فيها الثقافة اليهودية في العصور السابقة، مثل المواقع الحفرية في تسيبوري – صفورية (حيث كتبت المشناه) وأنقاض العديد من الكنس في أنحاء البلاد.

“عليا لريجيل”، المشتقة من مصطلح الحج، هي حجيج من نوع خاص يعني الصعود (أو الانتقال) إلى “إيرتس يِسرائيل”. برامج تعليمية – دينية وغير دينية – كثيرة تجلب يهود الشتات إلى إسرائيل في رحلات روحانية وتعليمية لزيارات وتجارب مثيرة وروحانية تختلف اختلافا جوهريًا عن الحجيج المسيحي “على خطى يسوع”.

 

القانون اليهودي: الوصايا

على الرغم من النقاش الحي بين السلطات التشريعية (الهلاخاتية) حول التفاصيل، إلا أن هناك إجماع عام على أن التوراة تفرض على جميع اليهود العيش على أرض إسرائيل، حتى أن بعض كبار الحاخامات كانوا قد ادعوا أن وصية العيش على أرض إسرائيل تعادل في أهميتها جميع الوصايا الأخرى مجتمعة. بالإضافة إلى وصية العيش في إسرائيل، هنالك 613 وصية أخرى التي من الممكن القيام بها عند العيش في إيرتس يِسرائيل فقط. يتعلق جزء كبير من هذه الوصايا بالزراعة ويطلق عليها باسم “الوصايا المتعلقة بالـ [العيش على] الأرض”، מצוות התלויות בארץ. يوفر النظام الاقتصادي المبني على أسس هذه الوصايا شبكة أمان اقتصادية للفقراء، والمثال الأشهر لذلك هو وصية الشميتا التي تنص على عدم حراثة الأرض الزراعية كل عام سابع، ليستطيع الجميع الحصول على محصول الحقول والبساتين (شميتا هي كذلك مصدر الإجازة  التعليمية الممنوحة للمعلمين). عند ازدياد المزارعين اليهود في إيرتس يِسرائيل في القرن التاسع عشر، أصبحت الشميتا قضية حية مجددا وأصبح تطبيقها مسألة دينية عملية لأكثر من قرن.

 

الصلاة والطقوس

كما سنشرح أدناه، تتطلب الشريعة اليهودية التوجه نحو جبل الهيكل عند الصلاة، ولذلك تتجه الكنس في جميع أنحاء العالم نحو إيرتس يِسرائيل. نجد في السيدور (كتاب الصلاة) صلاة استسقاء تتلى ثلاث مرات يوميا في جميع أنحاء العالم خلال أشهر الشتاء في إسرائيل، أي أنها صلاة تستدعي سقوط المطر في أرض إسرائيل.

بخلاف “الوصايا التي تعتمد على الأرض”، تتطابق الممارسات اليهودية داخلها وخارجها تقريبا. الفرق الوحيد المهم هو أن كل من مهرجانات واحتفالات الحج التوراتية تستمر ليوم واحد إضافي في الشتات، ما يُعرف باسم “عطلة المنفى الإضافية”. أخذت الجاليات اليهودية في الشتات على عاتقها على مر العصور دعم اليهود، ومؤسساتهم، في إسرائيل، ما ينظر إليه على أنه طريقة لتطبيق وصية العيش في إسرائيل عن بعد.

 

شتات، صهيونية

“الشتات” (תפוצות) أو المنفى (גלות) هي تسميات للعيش خارج إسرائيل، تحمل كل منها وزنا فكريا.

مع دمار الهيكل، اعتِبر المنفى (גלות) عقابا إلهيا لخطايا شعب إسرائيل، وأن اليهود سيعودون إلى أرض إسرائيل منه عندما يحين وقت االخلاص. نظرًا لأن الحياة في المنفى كانت تُعتبرعقابا – حسب الاعتقاد الديني – يؤمن بعض اليهود الأرثوذكس المتشددين أنه من غير المناسب أن يأخذ بني إسرائيل على عاتقهم وضع حد للمنفى والعودة إلى إيرتس يِسرائيل بأنفسهم.

إحدى الأفكار اليهودية الأساسية هي أن لإيرتس يِسرائيل متطلبات من سكانها. تحذر التوراه من أن عدم العمل بهذه الوصايا يؤدي بالأرض إلى طرد سكانها منها (لاويين 18:26-28). شعر بعض اليهود – حتى لو سمح لهم بالعودة إلى أرض إسرائيل – أن المطالب الأخلاقية والروحية للحياة في المركز كانت كبيرة لدرجة أنه كان من الأفضل البقاء في الشتات بدلاً من تشويه الأرض المقدسة.

أضافت الحركة الصهيونية، التي نشأت في القرن التاسع عشر، نزعة سياسية حديثة لعلاقة الشعب اليهودي بإيرتس يسرائيل. بالإضافة إلى (أو بدلا من، بالنسبة إلى البعض) علاقة اليهود التقليدية والقائمة على الدين بأرض إسرائيل، سعت الصهيونية إلى بناء إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي بحسب المفهوم الحديث لدولة القومية. بحسب الفكر الصهيوني الكلاسيكي، تمت علمنة (تحويلها لعلمانية) وصية العيش في أرض إسرائيل ورفعها لمستوى أعلى رتبة. استعادة الحياة اليهودية الطبيعية في أرض إسرائيل كانت الهدف الأعلى للصهيونية التي رأت بحياة اليهود خارج أرض إسرائيل على أنها حياة غير جديرة بالعيش. تعرض من اختار العيش خارج إيرتس يِسرائيل للسخرية لاختياره العيش في شتات بائس (הגולה הדוויה). شرّعت تيارات صهيونية أخرى الحياة في الشتات لكنها رأت بإسرائيل مركزا روحيا للشعب اليهودي.

Rossing Center logo

المزيد عن اليهودية

Rossing Center logo
  • All
  • الأعياد
  • المجتمعات اليهودية
  • دوائر الحياة
  • مفاهيم أساسية
التاسع من آب

التاسع من آب، هو يوم صيام يهودي ، يرمز إلى ذروة فترة الحداد بين المصريين يعتبر الصيام الأشد والأكثر أهمية بين الصيام الأربعة المتعلقة بتدمير …

من هم اليهود؟ أوجه شبه وأوجه اختلاف

من هم اليهود بالضبط؟ هنالك (بما يشمل اليهود أنفسهم) من يعتبر اليهودية دينا (مثل الإسلام أو المسيحية)، هناك من يعتبرها قومية، وهناك من ينظر إليها …

دوائر الحياة في اليهودية – مقدمة 

للحضارات الدينية لا توجد مناسبات سنوية تشير الى دورات الفصول، الأحداث التاريخية وغيرها فحسب، بل أيضًا لديها طقوس تتعلق بدائرة الحياة أو كما سماها عالم …

التقويم اليهودي

لكل حضارة بشرية طرق خاصة لذكر المناسبات والمواعيد والأعياد – عادة الأعياد والصيام معًا. البحث عن طرق ذات معنى للإشارة إلى التغييرات التي تميز فصول …

التوراة

مع أنها غالبا ما تترجم لـ “قانون”، المعنى الصحيح للتوراة هو “التعليم”. تشمل التوراة، أوسع نطاق ممكن – فهي تعني التعليم، الحكمة، العقيدة، التراث والتقاليد …

Hazal
الحكماء

حازال هي علامة اختصار للكلمات “حاخامينو زِخرونام لِفراخا” (حكماؤنا رحمهم الله) وهي تشير للحاخامات من الحقبة التلمودية. ظهرت المجموعة المعروفة باسم الحكماء في حقبة الهيكل …